اتفاق الشرع و مظلوم عبدي الاتفاق الذي اوقف تقسيم سوريا.
3/12/2025 07:07:24 ص
اتفاق الشرع و مظلوم عبدي الاتفاق الذي اوقف تقسيم سوريا.
في 10 مارس 2025، تم التوصل إلى اتفاق بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وهو تطور مهم في السياق السياسي والعسكري في سوريا، حيث يمثل خطوة نحو تعزيز التنسيق بين الطرفين في مرحلة حساسة. هذا الاتفاق يعد الأحدث في سلسلة من المفاوضات التي بدأت منذ أواخر عام 2024، بعد تصاعد التوترات بين مختلف الأطراف السورية وخاصة بعد تحركات الإدارة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، والتي تسعى إلى إعادة ترتيب الأوضاع في البلاد بعد سنوات من الحرب الأهلية.
يتعلق هذا الاتفاق بشكل رئيسي بالتنسيق العسكري بين قوات سوريا الديمقراطية والجيش السوري، بحيث يسعى الطرفان إلى تحقيق التنسيق المشترك في مواجهة التحديات العسكرية، بما في ذلك تنظيم العمليات العسكرية ضد الجماعات الإرهابية وتنظيم الحدود بين مناطق السيطرة المختلفة. واحدة من أهم القضايا التي تم التطرق إليها في هذا الاتفاق هي مسألة إدماج قوات قسد في الجيش السوري ضمن هيكلية جديدة مع ضمان تمثيل الأكراد في القوات المسلحة السورية.
هذه المفاوضات تأتي بعد فترة من التوترات بين قوات قسد والحكومة السورية، حيث كانت قسد ترفض العودة إلى سيطرة الحكومة السورية بشكل كامل، خصوصًا في شمال شرق سوريا، الذي يعتبر مركزًا استراتيجيًا غنيًا بالموارد مثل النفط. وكانت قسد قد أبدت رغبتها في الحفاظ على حكم ذاتي ضمن إطار الدولة السورية، مع ضمان حقوق الأكراد وحمايتهم من أي تهديدات قد تنشأ في المستقبل. في مقابل ذلك، سعت الحكومة السورية إلى فرض سلطتها على كامل الأراضي السورية، بما في ذلك المناطق التي تسيطر عليها قوات قسد.
من خلال الاتفاق الأخير، تم تأكيد أهمية الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وهو ما يعكس رغبة الحكومة السورية في فرض سيطرتها على المناطق الكردية. وتضمن الاتفاق بنودًا تفصيلية حول كيفية التنسيق بين القوات، وكذلك كيفية التعاون في حماية المنشآت الحكومية والحدود. في الوقت نفسه، طرحت قسد فكرة تخصيص نسبة من الإيرادات النفطية المتأتية من مناطق سيطرتها لتكون جزءًا من الموازنة الوطنية، وهو ما يعتبر أحد النقاط الخلافية التي قد تؤثر على سير المفاوضات في المستقبل.
على صعيد آخر، ركز الاتفاق على تبادل المعلومات الاستخباراتية وتنسيق العمليات الأمنية لمكافحة التهديدات المشتركة، مثل تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" والجماعات المسلحة الأخرى. كما تم الاتفاق على عقد اجتماعات دورية بين قادة الطرفين لتقييم التقدم في تنفيذ بنود الاتفاق ومعالجة أي مشاكل قد تظهر على الأرض.
إلى جانب الجانب العسكري، كان هناك تركيز على الجانب السياسي، حيث تم الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة للعمل على تطوير رؤية سياسية شاملة لمستقبل سوريا. هذه اللجنة ستكون مسؤولة عن دراسة بنود الدستور السوري ومراجعة السياسات الحكومية المتعلقة بالأكراد وحقوق الأقليات الأخرى، مع التأكيد على ضرورة إشراك مختلف الأطراف في العملية السياسية.
ورغم هذه التطورات، إلا أن الطريق لا يزال طويلًا، حيث يبقى التحدي الأكبر هو إيجاد توافق شامل بين جميع الأطراف السورية، بما في ذلك النظام والمعارضة والفصائل المختلفة. في هذا السياق، يبقى دور القوى الدولية والإقليمية مؤثرًا في رسم مسار المفاوضات في المستقبل، خصوصًا مع التوترات المستمرة في مناطق أخرى من البلاد مثل إدلب وريف حلب.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الاتفاق لا يعني بالضرورة نهاية التوترات أو التحديات بين الأطراف، حيث أن هناك العديد من القضايا العالقة التي قد تثير الخلافات، مثل مصير المناطق التي تسيطر عليها قوات قسد في المستقبل، وكيفية التعامل مع الميليشيات الموالية لتركيا في الشمال السوري. وفي الوقت نفسه، يبقى تساؤل آخر حول ما إذا كان سيتم تنفيذ بنود الاتفاق بشكل كامل على الأرض أم لا.
في الختام، يمثل الاتفاق بين أحمد الشرع وقسد خطوة هامة نحو إعادة ترتيب الأوضاع في سوريا، وهو دليل على أن هناك إرادة لدى بعض الأطراف لتحقيق الاستقرار، رغم التحديات الكبيرة التي لا تزال تواجه البلاد. ستظل الساحة السورية تتطلب جهودًا مستمرة من جميع الأطراف المعنية للتوصل إلى حلول شاملة تلبي تطلعات الشعب السوري في الأمن والاستقرار والعدالة الاجتماعية.